السبت، 10 نوفمبر 2018

أوراق سفر...بدو كجكين

أجبر الجفاف الرعاة البدو في قرية كجكين بمقاطعة كرمان على نقل قطعانهم بحثاً عن المروج. في نفس الوقت الذي يشكل الحرص على منح الأطفال فرصة التعليم. سبباً في تخلي البعض عن نمط حياة البدو. 

مازالوا إلى اليوم ، بدو كجكين ينقلون ما تبقى من قطعانهم إلى المراعي العالية صيفا في المرتفعات قرب مدينة كرمان في رحلتين حالهم حال اسلافهم، الذين قاموا بنفس الهجرة لآلاف السنين. رحلتان، تطعمهم من جوع ، و تأمنهم من خوف .رحلة الربيع تأخذهم حيث السهوب الأكثر خضرة، والأكثر برودة. هناك قطعانهم من الأغنام والماعز ، تتحصل على الغذاء الوفير. ورحلة الشتاء حيث يعود القطيع، قوي ومغذي بشكل جيد .

في المروج انتهى عهد الذهاب بزيارات طوال اليوم إلى مركز الاتصالات، للتواصل مع كل ما هو بعيد عنهم، فطالما شكوا التي من قسم الاستقبال ومعاملتهم. حالياً صارت مهجورة منذ فترة طويلة ، فأفراد قبيلة گرگ المحليين أصبحوا يملكون هواتف محمولة، ليس الرجال فقط، بل حتى النساء.

 باري احمدي، فتاة قامتها منتصبة، شعرها الناعم الاسود طويل حتى وركيها متهدل، تطير الرياح خصلاته، فتزيحهم إلى الوراء، لها عادة أن تلف ذراعيها حول نهديها، ملامحها دقيقة خالية من الزينة، و طرف أنفها شديد الاحمرار، عيناها مشعتين لماعتين قويتين، يبدو هي تحمل جينات وراثية لسلالة گرگ ( الذئب ). ربما لهذا السبب استمدت القبيلة الاسم . اما ساقيها فهما مصقولين بيضاوين...باختصار هي مثيرة للفتنة تحمل بندقية والدتها، ما دامت لم تتزوج ، سيكون لها سلاحها بمجرد أن تقترن بالزواج، ولكن بعد أخذ موافقة الزوج أو الأب. النساء في كجكين سلاحهن يكمل انوتثهن، المختبئة خلف الذكورة.

يمتلك والد باري شاحنة كبيرة لتسهيل تحركاتهم ، ولكن على بعض أفراد عائلة احمدي أن يسيروا نظراً لأن الشاحنة صغيرة تحمل أمتعتهم ،وكبار السن ، والأطفال. في السنوات الأخيرة ، توقفت العديد من العائلات عن الحركة والعيش كبدو بسبب الصعوبات. بالنسبة للآخرين ،كعائلة احمدي فتربية الحيوانات توفر الدخل الوحيد لهم. 

العائلة تتكون من 8 اشخاص، الأخوين الكبيرين، احدهما هومي شد الرحيل إلى استراليا، والأخر علي جرب الحياة في المانيا، تعرف على فتاة اطول منه، جمعت كل الوان السماء في عينيها، ارادت أن تقاسمه الحياة، في صباح قارس البرودة خلال شتاء ما ، رحل راجعاً حيث عائلته ،ربما عادة السفر والترحال من مكان إلى مكان كان السبب في الهجران. اعتقد انه تخلص من المدنية والقوالب الاسمنتية و اولريكي. في يوما ما عاد من المرعى فوجدها تتوسط مكان بين الأب والأم تلاعب باري الصغيرة انذاك، ينهض ابوه يمسكه من يديه ، ويسلم الهارب إلى الفتاة الألمانية كغنيمة والصفقة دخولها للإسلام، ودعهم حتى السهوب قائلاً أياك أن تعود ، اذا ما عدت سأرحل معها أنا.!

في الليل ، اتشارك مع عائلة احمدي في وجبة باغالا بولو على سجاد ملون ممدود. وقبل المنام ، وبينما يتهيأ الجميع لدخول الخيام تختمر عاصفة رعدية تجرف السحب المظلمة فوق الوادي ، ملوثة بخطوط رمادية من المطر. نجاة زوجة احمدي، حرصت إن تطمئن على الجميع، قبل إن تدخل خيمتهما السوداء، المقامة في نفس المكان الذي هاجرت فيه عائلتهما قبل مائة من السنيين، قالت ليّ: كثير من اقاربنا يعيشون في المدن الآن. باعوا قطعانهم للعيش في المنازل "ما هي الفائدة من وجودهم؟"أي نوع من الحياة هي هذه؟"، مشيرة إلى الثقوب في الخيمة. "كان علينا أن ننام تحت ثلاث بطانيات ، ولا يزال البرد يجلدنا بسياطه. أتمنى لو كنت أيضًا أعيش في المدينة. أما احمدي فقال إن برودة الربيع غير متوقعة ، كذلك الأمطار، تغطى جيداً، فالبرد ينخر العظام . 

تستيقظ نجاة،عند الفجر وتجلب الماء من البئر ، قاطعة مسافة طويلة. بعد ذلك تقوم بخبز الخبز وإعداد الإفطار. وغالبا ما تنضم إلى زوجها أثناء قيامها برعي الأغنام وحلبها، كي تصنع الزبادي والجبن. يديها ووجهها كلاهما بلون غامق نتيجة الشمس. وفي ساعات الراحة أن وجدت فإنها تعمل على الكليم أو السجاد...تقول نجاة:
باري ابنتي تركب الحصان، ترعى الاغنام، وتقوم بإرشادها إلى الكلأ، و تساعدني في رعاية اخوتها . "بعد كل هذه السنوات من العمل الشاق ، ليس لدي ما أراه باستثناء هؤلاء الأطفال والشمس". "فرحتنا الوحيدة هي أن نشرب الشاي."

قوانين الميراث الخاصة بالبدو لا تختلف رسمياً عن تلك الخاصة بالإيرانيين الآخرين ، لكن في الممارسة العملية نادراً ما ترث النساء أي شيء. العادات البدوية هي أن تمنح المرأة حقوقها في الميراث لإخوانها.

لطالما قاوم البدو الحداثة من خلال العزلة التي تأتي مع نمط حياتهم. التقاليد العميقة والبطريركية أبقتهم بعيدا على التغيير ، ولكن الجمع بين الجفاف المستمر والعواصف الترابية التي تحول الجو إلى برتقالي اللون والتوسع الحضري على نطاق واسع والإنترنت المتنقل وانتشار التعليم العالي جعل أعدادهم، هؤلاء البدو يتضاءل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق