الجمعة، 14 ديسمبر 2018

قصة اربعة...جيثار، غناء، نساء و ثائر

الخبر يقول ...الأمم المتحدة تضيف موسيقى الريغي المخترعة في جامايكا، إلى قائمة الكنوز الثقافية الدولية، التي تستحق الحماية. ببساطة انتصار لسنوات مضت، كنا فيها شباب.

لم ندخن المارايجوانا، ولم نعرف الحشيش، ولم نكن نعرف جامايكا ولم نشد الرحيل إلى أرض المعياد، لسنا من اتباع الراستافية، بعيدة عنا هذه التعاليم، أيضًا لسنا سود البشرة، ولا نُحسب من الاقلية، و لكن كنا هائمين، مغرمين، مجانين ، مراهقين حالمين بالانطلاق، لا نسير على الارض، بل ننزلق من السماء، يغمرنا حنين دفين للتمرد، والوسيلة موسيقى الريغي، و بوب مارلي.

طوق من الورود، صحبة جيثار لا ماندولين ولا بانجو ، ولا عود و سيتار ، بطل اسطوري يدعى راستمان عاد إلى الحياة متمرد، بلا شهادة ميلاد، يركب حصان له جناح من برق، وأخر من رعد، يطلق النار كتنين بعد أربعة الف عام من سقوط عرش بابل اشور و سوسا و لورستان...و اليونان ، يستقر هذه المرة في كينغستون،يؤلمه ماركوس لديه قطعة حلوى، بينما الكثير يحمل الواح الشوكولاتة، امام الظلم، يعيش كطائر في الشجر، ليس له سبيل إلا الغناء بثورة على دولة ،لإيجاد حل لكثير من الارتباك و الاحباط، ورفض العيش في الحدائق الخلفية،حيث لا يمكن الوثوق بأي ظلال بعد حلول الظلام، في أن يكون السجناء أحرار.

في كل مرة من الزمان يأتي فنان خاص، يتحدث عن الإنسان. إنه في موسيقاه ، وقصة حياته ، ونظرة العالم إلي ذاته والطريقة التي يحمل بها نفسه يبدو وكأنه امتداد للشعب وقائده. لا تأتي انغامه كإيماءة تجارية لأنه متى كان على الركح، يرمي برمح يصيب وهو يتحدث نيابة عن ناخبيه يهديهم صوت لمشاعرهم واحتياجاتهم. يبدو وكأنه نوع من السيناتور الثقافي ، رجل يمثل شعبه الذي يصوّت له بامواله ومحبّته. لم يكن أي نجم موسيقي في العالم الغربي في يوم من الأيام سيناتورا ثقافيا أكثر قوة على المسرح العالمي من نيستا روبرت مارلي.

بوب مارلي كان ولازال صوت ألم، ومقاومة العالم الثالث، المُعاني من شريعة الغاب، و الذي لا يمكن إنكاره إلى الأبد. سمع للغرباء في كل الارجاء فكان مارلي بطلهم الغريب، و جزءًا مهمًا من حياتهم.

قدم الخمري موسيقى الريجي والراستفارية إلى معظم أنحاء الكرة الارضية، مما جعله سفيراً حاسماً لتلك الثقافات الأقلية ، وجه جامايكا ، حتى الآن ابنها الأكثر شهرة. إذا كان سيناتورًا ثقافيًا ، فهذا جزء من تقديمه لنخباته حيث نشر صورة جامايكا حول العالم ، فاكتسبت في قلوب الجميع مكانًا ضعيفًا... هذه الجزيرة السحرية. لكن في نفس الوقت كانت سياسة مارلي أيضاً ثورية.

الحرب عند مارلي، حرب على العنصرية، بطريقة رمزية بحتة. ففي "أغنية الخلاص" ، قال على اغتيال مارتن لوثر كينغ ومالكولم إكس ، "إلى متى يقتلون أنبيائنا ، بينما نقف جانبا و نكتفي بالنظر" وفي " لكننا جائعون انتقد النظام الطبقي في جامايكا. وفي "زيمبابوي" دعا إلى تحرير دول إفريقيا. أما في اغنية "السرقة وإشعال الحريق أشار إلى المقاومة العنيفة....كان مارلي يحرض المضطهدين والمحتاجين المظلومين للثورة في جميع أنحاء الشتات الأفريقي بأي وسيلة ضرورية.

بالإمكان أخبار الكثير عن فنان ، وعن الأغنية في سنوات مارلي المتأخرة ، الفترة الأكثر شعبية له ، وهو يبدأ العروض و ينهيها "بالنهوض ، والوقوف ،" دعوة للعمل ، إلى السلاح ، إلى الثورة. نداء مع رفاق موسيقى و غناء يسافر إلى كل البيوت يحث على "الدفاع عن الحقوق" ، ولكن الحقيقة انها ثورية سوداء لم تخيف ذوي البشرة البيضاء.


بوب مارلي صبي يولد خالي الوفاض يصبح شخص، الروح تتجذر فيه بعمق فيقود، الحشود كواعظ، وكنبي يرى المستقبل، خلفه كورال من النساء في العروض الحية وكأنها تجمعات دينية تبحث عن السبيل،يغمض عيناه حتى يتمكن من قراءة النخيل.ونسيان أنه كان مثل البطة السوداء، لياليه أرض باردة لسريره وحجر صخري على وسادته،منبوذاجتماعياً. كرهه البيض كطفل أسود، و السود ينتقدون الاطفال مختلطي الأعراق ، يسخرون منه على أنه الولد الأصفر الصغير". "بالنسبة لبوب ، يبدو لونه كان عائقًا أينما تحول ، الأمر الذي جعله ينغلق في ذاته ، روحًا معزولة تعتمد على قوته الداخلية. "ومع ذلك ، لم تتضمن نقاط قوته المبكرة الموسيقى. "لم يكن له صوت صادح، بل كان أسوأ أصوات الجميع.ومع ذلك ، أصبح مارلي نجمًا خلال سنوات نتيجة العمل المضني ، وعندما جرت في يديه الاموال كان كريماً للغاية ،دعم الالاف من البشر.

تقول إستر أندرسون ، إحدى صديقات مارلي العديدات، هو لا يعير بال لتحديد النسل، دائماً يلاحقني كي أنجب منه طفل. ظل يسألني لماذا بعد أن امضيت معه شهر، لم أحمل بعد. أجابته أنني اتناول حبوب منع الحمل، امام هذه المفأجاة كتب في كل مرة أزرع فيها بذرة تقتلها قبل أن تنمو" وكأن الطبيب هو العمدة ، لهذا السبب أنا أغني" أطلق النار على العمدة" ، مضيفاً إليها كلمات تدل على استحالة هزيمة النظام ، لأنه حتى لو قتل رجل القانون ، فهناك رجل آخر خلفه، يأخذ دوره. انه صراعًا مأساويًا طويلًا سيحتاج إلى الكثير من أبطال الحياة اليومية.

في أيامه الأخيرة ، حارب السرطان، والانتشار كان من أصابع قدمه ليغزو كل جسده ، عانى منه الويلات ، واجترع كاسات الامل، إلا أنه واصل القتال ، وهو يعرف ان انتصاره محال، سافر إلى المستشفيات في جميع أنحاء العالم محاطًا بالعائلة ، وحوله زوجته ريتا، و صديقته وكأنهما حالة مفتوحة بشكل متبادل، ريتا التي حولت البيت إلى متحف كلنت طوال سنوات الرحيل أشبه بوالدة بوب ، حيث اعتنت به بينما كانت له علاقات حب خاصة به.

توفي مارلي في العام 1981 عن عمر يناهز 36 عامًا ،كان يتوقع الموت المبكر، واضمحلال وجوده بعد وقت قصير شبيه بيسوع المسيح. اليوم بعد ثلاثة عقود نيستا لازال في الوجود بسبب وجود الملايين الذين يصوتون له بأموالهم وقلوبهم.

الأحد، 9 ديسمبر 2018

نساء ثائرات...بين قبعات الحرية والسترات الصفراء

رأيت المرأة الفرنسية، في مظاهرة الأمس تنزع السترة الصفراء، تنادي باعلى صوت ، متمردة على الهمس ، و القضية عندها إظهار الحقيقة لأعوان السلطة بأنها غير مسلحة، تشارك في تظاهرة سليمة، و الغرض حياة إنسانية كريمة، تليق بالنساء. اللاتي كن دومًا مشاركات للرجال الاحتجاجات و الثورات.

منذ بدايات الثورة الفرنسية و "إعلان حقوق الإنسان والمواطنة" في العام 1789 ، وحتى العام 1944 ، كانت الجنسية الفرنسية تقتصر فقط على الذكور على الرغم من أن النساء كن ناشطات ثوريات ، مفترضات كثيرات أن الجنسية هي ملكهن. نظراً لمشاركتهن النشطة في معركة التحرر التاريخية.

الكاتبة المسرحية أولمبي دي جوجس، كانت تتحدث عن نفسها، عندما كتبت ونشرت العام 1791 "إعلان حقوق المرأة والمواطن" على غرار "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" الصادر في عام 1789 من قبل الجمعية الوطنية ، فقد رددت دي جوجس اعلانها بنفس اللغة ، ولكن اعيدت صياغتها كي تفسح اتساع ا للنساء أيضاً.

وكما فعلت العديد منهن في ذلك الزمان ، أكدت دي جوجس قدرة المرأة على التفكير واتخاذ القرارات الأخلاقية ، مشيرة إلى الفضائل الأنثوية للعاطفة والشعور. حيث المرأة ليست مثل الرجل ، لكنها كانت شريكة له على قدم المساواة.

دي جوجس للأسف ، و خيبة في الرجاء، بالغت في الخيال، حتى السماء. فقد افترضت أن لها الحق في العمل كعضو في الجمهورية وتأكيد حقوق المرأة من خلال تأليف مثل هذا الإعلان. يبدو إنها انتهكت الحدود التي أراد معظم القادة الثوريين الحفاظ عليها.

من بين التحديات في إعلان دي جوجس التأكيد على أن النساء ، كمواطنات ، لهن الحق في حرية التعبير ، وبالتالي فإن لهن الحق في الكشف عن هوية آباء أطفالهن،وهو حق لم تكن النساء في ذلك الوقت يفترض أن يحق لهن. لقد أرادت أن يكتسب الأطفال المولودين من زواج غير شرعي حق المساواة الكاملة مع المولودين في الزواج، مما يشكك الافتراض أن الرجال وحدهم يتمتعون بحرية إشباع رغبتهم الجنسية خارج الزواج ، وأن هذه الحرية من جانب الرجال يمكن أن تمارس دون خوف من قبل الطرف المقابل. فالنساء لسن وحدهن الطرف الوحيد المسؤول على التكاثر، أيضًا الرجال، وطالما الأمر هكذا، فعلاقة المشاركة ينبغي أن تطال الجانب السياسي و الاجتماعي.

سعياً منها وراء هذه القناعة، رفضت الصمت، و فضلت الجهر من أجل إحقاق المساواة ، و عدم التعاطي مع الجانب الخاطئ ، مناصرة الجيروند، و منتقدة اليعاقبة ، لتجد نفسها وسط خضم الصراع بين الثوار ، فالقي عليها القبض في يوليو العام 1793 ، بعد اربع سنوات من الثورة ، والنهاية ترسل إلى المقصلة في نوفمبر من ذلك العام.

أشار تقرير الوفاة، بعد أن أرغمت على توديع الحياة، أن اوليمبي
كونها ولدت بخيال جامح، هذا لا يحق لها أن تشكل إلهام يخالف الطبيعة، هراء وخطاء. أرادت أن تكون رجل دولة.فانساقت خلف مشاريع غادرة تريد تقسيم فرنسا.
ولكن ما خفي عن الأنظار يبدو أن القانون عاقب ما وصفت بالمتآمرة فقط لأنها نسيت الفضائل التي تنتمي إلى جنسها.

معاصروها لم يحتاجوا لكثير توضيح، عندما اشاروا أن عقابها كان ، في جزء منه ...نسيان مكانها الصحيح ودورها الصحيح كإمرأة.

الجمعة، 7 ديسمبر 2018

لازالت النساء يستجيب لهن القدر...في المانيا

في جولة إعادة ، و المكان هامبورج، يتهاوى الرجال كأحجار الشطرنج، و تفسح الرقعة لملكة، فيسقط ابن العز فريدريك ميرز، و ورائه 482 منذوب ، أما وزير الصحة ينس شبان ، الذي كان قد تقدم بطلب للحصول على الخلافة ، عليه يتم القضاء في أول اقتراع، لتتولى القيادة، امرأة تدعى أنجريت كرامب كارينباور ، يدعمها 517 منذوب،أما الوظيفة فهي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي المسيحي الالماني، بهذا تجدد الزعامة، و تستلم الأمانة من انجيلا ميركل، و تحسم صراع جُسد في وقت ما مع رجال، ليبقى السؤال هل كرسي المستشارية سيظل حكرًا على النساء ، يبدو أنه المشهد السياسي في المانيا، لن يتسع إلا، لأنجريت الزعيمة الجديدة...هكذا يريد القدر

فراو كارينباور، امراة تفصلها سنوات قليلة عن الستين ، لها من العلم نصيب كبير، اهداها الاله ثلاثة من رحمها، امينة عامة سابقة للحزب، في ولاية سارلاند التي لازال الكل يختلف عليها، فرنسية هي أما المانية، يبدو انها تستمد هذه الخاصية، تختلف عن الأخريات، هي من الشخصيات اللاتي لها استقلال ذاتي، لا تتخلى على لقبها العائلي، تلحقه بلقب قرينها، و لسان حالها يقول اقاسمك حياتي، و لكن هذا لا يعني انك تستلم قيادي.

وقفت، خطبت، و أشارت إلى سنواتها العديدة من الخبرة الحكومية والنجاحات الانتخابية في سارلاند، تحدثت عن الشجاعة ، و القناعة بأن أوروبا تحتاج إلى سواعد تحمل مظلة شينغن ، وسط عالم تريده أن يلتزم كما تلتزم هي بالقواعد.

شريك الجولة النهائية ميرز ، قبل نتائج اللعبة، و صرح بأن شخصية الحزب ستزداد قوة بواسطة الزعيمة ، و الطيف سيزيد اشعاعًا، أما شبان فلقد تأسف على الخسارة ، هو قال بأن لديه رؤية حول كيف يود البلاد أن تكون في عام الفان و اربعون، لم يخفي حقيقة اعتبارها فرصه في تحقيق نصر حتى ولو صغير ، كصغر عمره البالغ ثمانية و ثلاثين مضيفاً انه يريد أن يعيش في بلد يثق فيه بالوطنية، لهذا السبب قام بحملات لتجديد شباب الحزب، اعتقد ستلقى ترحيب، و لكن الله المستعين على الخيبة.

ما بها ميركل ، بعد ثمانية عشر سنة لم تعد ترغب في الترشيح كمدير للحزب الديمقراطي المسيحي . للمرة الأولى منذ فترة طويلة ، قاتل العديد من المرشحين لرئاسة الحزب. طالبين الرجاء، مقدمين ومسوقين الثلاثة أنفسهم لأعضاء الحزب في المؤتمرات الإقليمية في جميع ألانحاء . ميرز يقف من أجل تصحيح منتصف طريق ميركل ، و يجعل الحزب يعود محافظاً مرة أخرى. أما السلطانة فتشير إلى استمرار دورة السلف كخير حلف.

استدعيكم من بعد اذنكم ، ان تشاركوني بعضاً من جنوني، و تجيبوني على سؤال، يا ترى لو عادت الايام بمن قال إن كانت الرجال قد عدمت عندكم، فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً ، و اجتمع الآن في سباق انتخابي. هل يختار العرب لحكمهم رجلاً ذا نسب عالٍ بضعفه بين العباد يدمر البلاد، أم امرأة ليست سليلة حسب و نسب، بكفاءة تعمر بلد؟...اتكلم بحذر عن المستعصم العباسي وشجرة الدر. التمس منكم العذر.

الغواصة النازية و الشخصيات التاريخية

سوبهارش بوس البطل المنسي، و المختفي مؤسس الجيش الوطني الهندي استقل غواصة المانية تنقله إلي بورما للتخلص من الاستعمار البريطاني، ظل في الغواصة يأكل البطاطس هو و رفيقه الذي ضاق به الحال، متذمرًا قال: سأموت من البطاطس قبل أن اموت بواسطة طائرات الاعداء.فتش في المخزن، وجد أرز و عدس فطبخ غولاش تمنى أن لا تعجب قائد الغواصة الالماني ونائبه، شريكيهما في الطعام حتى لا ينتهي الأرز والعدس، إلا أن الوجبة أعجبت الضابطين، فسأل المرافق عن اسم الوجبة فقال الحظ العاثر، قال الضابط زدني كمية أخرى من الحظ العاثر ....يبدو أن هناك حكايات تجمع بين الغواصات الألمانية و الشخصيات التاريخية الليبية ايضا منهم احمد الشريف السنوسي، الذي غادر ليبيا على ظهر غواصة المانيا مرغماً و سليمان الباروني، الذي قدم في غواصة من الآستانة يحمل فرمانا من السلطان رشاد الخامس بتعيينه... لكن لا حكايات على الهوامش تتناول البعد الانساني لهذه الشخصيات، كم تناولت بوس ...مؤلم كم من قصص غابت عن التدوين و الرواية.

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2018

مناجاة في عيد ميلاد...لراحلة

فِي مِثْلٍ هَذَا اليَوْمَ،
جِئْتِ، وَ غَادَرْتِ
بَعْدَهُ،بِأَرْبَعِينَ.
مَاذَا؟
مَا بَالِكِ، أياي تَقَاطُعَيْنِ،
آتخجلين؟،
أَمْ تَخَافِينَ، مِنْ سَطْوَةِ السُّنِّيِّينَ.
لَا أَخْفَى عَلَيْكِ،
يُقْلِقُنِي العُمْرُ, كَمَا تَقْلَقِينَ،
حَسَنًا دَعِينَا نُعِيدُ،
مِنْ جَدِيدٍ،
التَّرْتِيبَ. لِتَكُنْ فَقَطْ عِشْرِينَ،
بِعُمْرِ السَّعَادَةِ.
طَالَمَا تَبْتَسِمِينَ،
فَقَدْ وَافَقْت هُوَاكِ،
يَا مَنْ اِشْتَقَّتْ إِلَى لِقْيَاك،
وَ يَا مِنْ صَدَاكِ،
يَرْدُدْ فِي دَاخِلِيَّ،
نَغْمٌ حَزِينٌ،
لِشَيْءٍ مِنْ الحَنِينِ.
أَعْلَمُ أَنَّكِ فِي لَهْفَةٍ ،
لِسَمَاعِ أَخْبَارٍ مِنْ تُحِبِّينَ،
... اِبْتِسَامَةٌ خَجُولَةٌ،
آهْ يَا صَاحِبَةُ الحَيَاءُ،
اللَّذِيذُ.
حَبِيبُكِ قَبْلَ أَيَّامٍ،
لِشَجَرَةِ اللَّيْمُونِ اِعْتَلَى،
لَا تَظُنِّينَ،
أَنَّهُ تحول شَاعِرٌ،
مِثْلَكِ لِتَسَلُّقِ السَّمَاءِ،
قَادِرٌ, كَانَ يُرِيدُ،
أَنْ يَسْرِقَ أَغْلَى مَا فِي الشَّجَرَةِ،
ثَمَرَةٌ.
بِدُونِ أَنْ يُغَازِلَ وُرُودَهَا بِأَغَانِي،
حَاوَلَ إِنْ يُرَاقِصُ فَرْعُهَا،
وَ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِبُسْتَانِي،
اِبْتَعَدَتْ عَنْ ذِرَاعَيْهِ،
فَسَقَطٌ،مِنْ الأَلَمِ يُعَانِي،
غريب البشر يا وجه القمر،
لا يعطي بلا ثمن.
كُسِرَتُ قَدِّمِيهُ الاِثْنَيْنَ،
وَ بَكِّي كَالأَطْفَالِ،
بِلَا خَجَلٍ،
لَا كَمَا يَبْكِي الرِّجَالُ.
الآنَ أَفْهَمُ،
لِمَاذَا رَحَلَتْ عَنْهُ كُلُّ النِّسَاءِ،
مِنْ بَعْدِكِ،
لَمْ تَكُنْ فِيهِنَّ مِثْلَكِ،
أَمْ لَهُ،
يَرْتَمِي فِي حِضْنِهَا،
مَاذَا مِنْ بَعْدِيَّ؟
نَعَمْ.... هَذَا الَّذِي يُعنيكِ،
وَ عَنْهُ تَسْأَلِينَ.
كَيْفَ هُنَّ،
أَمْرُهُنَّ يُحَيِّرُكِ،
دَائِمًا كَانَتْ صَوَّرَتْكِ،
... تُؤْرِقُكَ.
أَوْلِهُنَّ تَحْتَاجُ سَلَالِمَ،
كَيْ تَرَى بَهَاءَ, شَفَتَيْكِ،
ثانيهن تَسْتَعِينُ, بِضَوْءِ النُّجُومِ
كَيْ تَرَى يَاسْمِين وَجْنَتَيْكِ،
وَ ثالثهن تَمْتَطِي سُهُوبٌ خَضْرَاءُ،
كَيْ تَرَى،
زُمُرُّدُ عَيْنَيْكِ،
أَمَّا..... اِنْتَظَرَ لَحْظَةٌ!!
هَلْ أَحْبِبْنَهُ،
كَمَا أَحْبَبْتُهُ أَنَا؟
...لَا.
لَقَدْ فَرَرْنَ بِجَلْدِهِنَّ،
قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَهُنَّ،
بِسِكِّينِ الأَنَانِيَّةِ،
الَّذِي طَعَنَكَ بِهِ،
فِي سَاعَةٍ فَارِقَةٌ مَا.
كَوَاعِظٍ يَبْدُو،
يَشُدُّوا, تراتيل،
دِينِيَّةٌ, إِجْتِمَاعِيَّةٌ،
بغيثار بِلَا وَتَرٍ،
تَمَجَّدَ الذِّكْرُ،
... وَ الصِّغَارُ. تُقَاطِعِينِي،
لَا تريدِ أَنْ تَسْمَعِينِي،
حَسَنًا لَكِ مَا تَشَائِينَ،
لَا كَمَا أَشَاءُ.
الكَبِيرَةُ صَارَتْ أَمِيرَةُ،
وَلَكِنَّهَا, لَيْسَتْ فِي سُمُوكٍ،
وَ الصَّغِيرَةُ بَاقِيَةٌ جَمِيلَةٌ،
لَيْسَتْ فِي جَمَالِكِ،
أَمَّا الوُسْطَى أَضْحَتْ،
تَتَلَعْثَمُ فِي الكَلَامِ،
يَبْدُو أَنَّهَا،
غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى اِحْتِمَال،
... فِقْدَانُكِ،
صَامِتَةً لَا تَقُولُ،
دَاخِلَهَا تَدْفِنُ أمَانِي،
عَلَى أَمَلَ أَنَّ تَعَوُّدٌ،
هَيْهَاتُ... يَا سَيِّدَةُ المَعَانِي,
ثَانِيَةٌ أَنْ نَرَاكِ.
أَخَّرَ العُنْقُودُ،
كَمَا هاجرته بِلَا وَدَاعٍ،
.... صَغِيرٌ،
كَالبَلَابِلِ يَطِيرُ, لَا يهْدَى
وَلَا يَسْتَكِينُ.
غَرِيبٌ يَا نِهَايَةُ القَوَافِي،
كَيْفَ يَنْسَى سَرِيعًا الأَشْقِيَّاءَ.
هَاتِ أذْنَكِ بَعْدَ إِذْنِكِ،
أَفْشَى إِلَيْكَ بُسْرٌ،
هُنَاكَ خَامِسٌ عَلَى الطَّرِيقِ،
سَيَجْعَلُ الهُوَّةُ تَضَيُّقٍ،
وَ يَكْبُرُ نِسْيَانَكِ... أَكِيد.
يَاه مَا أُحَلِّي عِطْرَكَ, طِيبُكِ،
يُغْرِينِي بِالاِنْتِقَالِ إِلَى دِنَّيَاكِ،
لَا أَدْرِي لِمَاذَا تَأَخَّرَ القَدْر،
يَتَمَهَّلُ مَعَي بخذر،
هُوَ يَعْرِفُنِي،
أَنَّي لَا أُطِيقُ الأَمَاكِنَ،
أَحَبَّ التَّرْحَالَ وَ السُّفَرَ،
يُمَسِّكُ يَدَيْ كِتَابٍ.
... صُعْلُوكٌ,
كَمَا كُنْت دَائِمًا غَرِيبٌ،
بِلَا رَفِيقٍ ،
كِي لَا أَتَّهِمُ بِالجُنُونِ،
أَوْ أَكُونُ, زِنْدِيقٌ.
يُغَامِرُ،
لَا يَكْتَرِثُ بِخَطَرٍ،
تَسْتَهْوِيهُ فُضُولٌ رَفَعَ الحِجَابُ،
وَ رُؤْيَةٌ مَا وَرَاءَ السُّتُرِ،
لَا أَلْحَظُ حَلِيفَهُ،
وَلَا صَدِيقَ لِقَدْرٍ،
أَلْبَسَنِي مُؤَخَّرًا،
حُلَّةُ مُلُوكٍ،
عَلَى عَرْشِ المَرَضِ.
هَذَا الغَادِرُ اللَّعِينِ،
الَّذِي أَسْتَعْمِرُكِ, لِيَفْتَرِسَكِ،
وَسْطَ العَتْمَةِ،
وَ كُنْتَ تَخَافِينَ،
وَ لَكِنَّ بِشَجَاعَةٍ،
كُنْتِ تَبْحَثِينَ،
عَنْ صَباحاتً مُشْرِقَةً, مُتَأَلِّقَةً،
بِهَا تَقْهَرِينَ السَّاعَاتِ الثَّقِيلَةَ،
فِي مَحَطَّاتِ الشَّفَا،
متعطرة بِرَائِحَةِ الدَّوَاءِ،
تتكئين بِمُهَلٍ،
عَلَى صُور, مِنْ الذِّكْرَيَاتِ،
عِنْدَمَا قَبْلَكِ فِي مَرَّاتٍ قَلِيلَةٍ،
عَلَى عِجْلٍ،
بِرَغْمٍ أَنَّهَا لَمْ تَرَوِّي،
وَ لَكِنَّهَا كَانَتْ فَرْحَتَكِ،
عَوَّضْتُكِ عَنْ اِنْتِظَارٍ طَوِيلٌ،
لِصَرْخَةِ طفلتكٍ الأُولَى،
وَ تُبَادِلُ النَّظْرَاتِ،
الَّتِي انستتكِ لِوَهْلَةٍ،
العَرَقُ, وَ الدَّمُ, وَالآهَاتُ،
فَتَحْتُ لكٍ النَّوَافِذُ,،
لِتُشَرِّقَ الشَّمْسَ فِي قَلْبِكَِ،
لكٍ وحدكٍ ،
غَرِيبَةُ المَرْأَةِ مَتَى صَارَتْ أَمْ ،
تَكُونُ سَيِّدَةَ الكَوَاكِبِ،
ثُمَّ مَاذَا؟
يَا سَيِّدَةٌ الصَّابِرِينَ,
فُحُوصَاتٌ، خزعات، تَحْذِيرَاتٌ،
تَحْضِيرَاتٌ، وَ تخذيرات، وَتَجْرِبَةُ عِلَاجَاتٍ،
كُنْتَ تَذْهَبِينَ،
إِلَى هَذِهِ المَعَارِكُ بِإِيمَانَ قديسة،
لَا يُجَارِكِ،
بَطَلُ مِغْوَارٍ فِي غَزَوَاتٍ،
لَيْسَ مَعَكَ إِلَّا سِلَاحٍ التَّوْقُ،
فِي أَنْ تَسْتَمِرِّي تَعِيشِينَ،
غَرِيبُ أَمَرِّ الحَيَاةِ،
يَا عَبِقَ اليَاسْمِينُ،
تَهَرَّبَ مِنْ الأَوْفِيَّاءِ،
كَيْ تَسْتَقِرُّ فِي أَحْضَانٍ الغَادِرَيْنِ.
بِرَغْمِ هَزِيمَتِكِ،
إِلَّا أَنَّكِ رَبَّحْتِ،
فَلَقَدْ انتزعتِِ بِكِبْرِيَاءَ،
لَحَظَاتٌ مِنْ يَدَيْ العُمْرِ،
حُقَّتْ لَكِ،
لَا أَحَدَ فِي يَوْمًا مَا،
سَيَأْخُذُهَا مِنْكِ.
حَتَّى وَأَنْتِ تَبْتَعِدِينَ.

السبت، 1 ديسمبر 2018

منسي تتذكره الحكايات


أَرادُوا أَن يَمحُوهُ،
ولكِنَّهُ لا يُحبُّ الإِلغَاءَ، 
جَاؤُوا إِليهُ اتّباعُ التَّاريخِ
يُسوُّونَ الدَّفاتِرُ،
ويُجَمِّعُون الدُّيُونَ،
مِنْهُ.
الَّذِي خَرَقَ قَوَانِينَهُ.
مُحفِّزين،
مُنذُ طُولٍ حِين،
بمشاعرِ اِزدِراء،
تولَّدت مِنْ خَوفٍ بدائِيٍّ،
خوف الحضارةِ مِنْ الطَّبِيعةِ
وخوَّف الرِّجَالُ مِنْ النِّسَاء،
وخوْف القُوَّةِ مِنْ الضُّعفِ،
وخُوّف مَنْ الَّذي يُحَاوِلُ،
تغيُّر مَجَرى القَضَاء.
جَاؤُوا إِليهُ اتّباعُ التَّاريخِ
بِغَرِيزةِ الإِنسَانِ غَيْرِ الوَاعِيَةِ،
على التَّدمِيرِ،
ما لَا يُمْكِنُ إِخْضَاعُهُ،
ولَا تأليهه،
ولَا يَسِيرُ، وفقَ رغباتِهِم.
جَاؤُوا إِليهُ اتّباعُ التَّاريخِ،
لم يتلقَّوا شيئًا مِنْ الثَّقافَةِ،
ولَا قَرَأُوا أَصنافًا مِنْ الكُتُبِ،
ولَا تَعْرفُوا إِلى أَجناسٍ مِنْ البَشَرِ،
ولم يُمسِكُوا القلمَ لِلكِتابةِ،
فَقَطْ للحسابة،
ولَا رفَّعُوا عُيُونَهُم إِلَى السَّمَاء.
جَاؤُوا إِليهُ اتّباعُ التَّاريخِ،
أَختَبِئ،
مُعذّبٌ فِي حَرْبٍ،
بِرُومانسيَّةٍ مُستعصِيةٌ، مُستحِيلةٌ،
شُمُوعُهُ نَسْى،
وفقد الخَاتِمَ.
رُوحُهُ الَّتِي قدَّمَت, لِشِفَاءَ,
عالمُهَا المجرُوح،
فَقدْتُهُ بِأَكملِهُ،
وتهشَّمت كَالزُّجَاجِ،
إِلَى أَجزاء.
جَاؤُوا إِليهُ اتّباعُ التَّاريخِ،
قيَّدُوهُ،
وعِنْدما لم يستطِيع السَّيرَ،
جَرْوُهُ،
لم يَرَاهُمْ أَحد.
بِالطَبْعِ!!!! فَالخَفَافِيشُ عمياء.
لم يعتقِلُوا رَجُلًا،
بَلْ كانُوا يَطْرُدُونَ الخَوْف،
لم يُصَلِّبُوهُ،
ولم يُقطِّعُوا أَطرافهُ،
هو لم يكُن وَبَاءًا.
فقط يُلَقِّحُون مُجتمعًا،
ضِدَّ تَفَشِّيهِ،
وَضِدَّ البَقَاء.
لَا ورق شَجَرٍ،
يَجْلِبُ لهُ الحظَّ،
ولَا زُهُورٌ خرِيفِيَّةٌ بَيْضَاء،
تجعلُ الرِّيحُ تَأْتِي, فِي حِينِها،
لِتَخَلُّصه،
وتجعلُ قُيُودَهُ القَدِيمَةَ،
تَتراجعُ.
يتوسَّعُ الأُفْقُ،
وَيُضَيِّقُ المَدَى.
يتكلَّمُ عَنْ العَالَمِ،
عَمَّا كان, وكيف أَصبح،
واِعتِقَادُهُ كيف سِيؤُول،
بَيْنَمَا الآخَرُونَ،
يتكلَّمُون عن أَعمَالِهِم،
أَبنائِهِم، أَموالُهُم،
يَفْتَخِرُونَ، بِمَا مَضَى.
غَادَرُوا مِنهُ اتّباعُ التَّاريخِ،
بَعْدَمَا, تَنَاثَرَتْ رُوحُهُ،
مِنْ الحُدُودِ الضَّيِّقَةِ،
التي لِهُمْ،
إِلَى جزِيرةٍ بِالفَضَاء،
المُفَرِّطِ, المَعْتُوهُ, الشَّاسِعُ،
التي لهُ.
غَادر بعد قَلِيلٍ.
مِنْ أَحَبِّهُ حَتَّى المَوْتِ،
على رُؤُوسِ أَصَابِعِهِ،
أَنزَلق مع الصَّمْتِ،
بِدُونِ صَدًى،
أَحَدُهُمْ أطفاء الأَضوَاء،
وأَخْتَفى.
قَبِيلَةٌ مَا،
هجَّرها الحُلْمُ..... لعَنَاء
 

 لم يُغَيِّرْهَا بعْدَهُ
بدأت حين انتهت البدايات
مزقت اليوميات،
القديمة.
صَارَتْ لَا يَعْنِيهَا أَمْرُهُ 
إلا لحظات،
يعلن فيها تواجده
من ساعة، أو من يوم،
أو من سنوات
كلاهما أعتقد،
بعدما تَعَهَّدَا سَوَاء
أنه اِمْتَلَكَ الآخر، حتى الممات.
لا أحد اِمْتَلَكَ أحد
في الحياة،
ما يمتلك في الحقيقة،
ذكريات بأكملها،
كانت له وكانت لها،
لا شركاء،
اليوم تَعَانُقُهَا محطة أخرى،
مع أخرين،
كعناق رجل بِاِمْرَأَةٍ
تُلْغِي رفضها للحياة،
تعيد تشكيلها، وتلوينها،
كيفما شأت،
وليس كما يشاء
ستبقى حتى مع الموعد السعيد،
في ليلة من ليالي عيد
تَكتُبُ من جديد،
في اليوميات،
أَعُودُ وَيَعُود،
أَتمَنَّى!! ،
ولكن لا مجال.