السبت، 10 سبتمبر 2011

ليبيا...ماذا بعد الثورة

على طريقة التكنوقراط الإيرانيون يرتدي صاحب اللحية المنسقة بعناية بدلة بنية وقميص ابيض بدون ربطة عنق, يمتشق مسدسا أبى أن يختبئ وراء السترة، ليتقدم هو باتجاه احد الجالسين يستعلم منه عن اسمه ،ثم يطلب منه اصطحابه إلي الخارج، فوجوده غير مرغوبا فيه في هذه القاعة ، التي شهدت في صورة تذكارية اعتلاء منصتها أعضاء ما يسمى باللجنة التنسيقية لائتلاف 17 فبراير بمدينة طرابلس... قاعة الخيمة هذه بفندق راديسون بلو المهاري استضافت حدث إعلان المجلس المحلي لمدينة طرابلس ،بحضور أعضاء هذا المجلس الذين هم في حقيقة الحال خير تمثيل للطبقة الارستقراطية لهذه المدينة ، والذين جمع بينهم إما كرم النسب ( ولاد بلاد ) أو الثروة ، على العموم عناصر كانت حاضرة بينما غابت أخرى ، فقد حضر المهاجرون ولم يحضر الأنصار ، وحضر الرجال وغابت النساء ، وحضر طيف لتغيب باقي الأطياف .

من السابق لأوانه أن تأخذنا النشوة كما أخذت الذين كانت ثورتهما اقل دموية وتدمير...منا (التونسيون والمصريون). ، لأن هذه النشوة وبكل بساطة تقريبا دائما ستكون عابرة، فلا زالت الحالة غير مستقرة إلي حد ما في هذه الدول.

لقد ارتبطت ثورات الشعوب إلي حد كبير بالدموية، وكأن الطريق المؤدي إلي محطة الديمقراطية لا يمكن تبينه إلا بهذه العلامات... لا احد ينكر بأن الطغاة كانوا الأساس في وضع هذه العلامات ،ولكن التهور في اغلب الأحيان ينجر إليه الثوار.

هل وصلنا إلي المحطة ، أما أن الشيء الاسوء هو الذي يأتي فيما بعد، الحقيقة هي أن جيراننا أكثر عراقة في باع الديمقراطية منا ، ففي ليبيا لا يوجد دستور ، ولا توجد أحزاب سياسية راسخة، ولا قضاء مستقل إلي حد كبير ، ولا مؤسسات مجتمع مدني نشيطة ،كما أن مقومات الدولة فوق الصفر بقليل ،وبالتالي فأن الجهد في عدم وقوع فوضى سيكون مضاعف،وهذا ما يقع على عاهل المجلس الوطني الانتقالي بمساعدة كل... الليبيين فقط ، فأمريكا والدول الأوروبية ستقف عند مفترق طريق لتراقب وتمنع التجاوزات التي ستفوق الحد المسموح به ... ربما يصدر عن احدى الثورات الحقيقية في العالم والتي ستجد نفسها تقوم بمحو القديم تقريبا.

ما يجمع الليبيون بتماسك ألان ليخلق منهم مجموعة رائعة تسعى لإنشاء دولة هو" كره القذافي "،فالعناصر المختلفة تتفق لتتوحد على اهتمام واحد ألا وهو رمي كل مقومات النظام السابق إلي مزبلة التاريخ.

وسائل الإعلام والمراقبون الدوليون تشير إلي أن المجلس الوطني الانتقالي يضم أطياف سياسية متعددة ربما تجاه بعضها البعض مثل الليبراليون والكنوقراط والاشتراكيون والسلفيون ناهيك عن الأخوان المسلمون الذين يعتقد بأنهم تقريبا الأحسن تنظيما حتى ولو تعذر معرفة مدى قوتهم،إلا أنهم مطابقة لكل المعايير فهي حركة قوية ومنظمة تنظيما جيد ...أيضا لا يمكننا إغفال دور الإسلاميون المتطرفون.

ما اعرفه أنا على مستوى الشارع الليبي ، فأن الليبيون غير مسيسون،والمثيران العديد منهم يجهل العملية الديمقراطية ، وحتى الغالبية من العارفين بالديمقراطية ،يعانون من ازدواج الشخصية ، فالمناداة بالديمقراطية في الخارج لا تجد انعكاس لها في الداخل ، على مستوى العائلة والعمل والشؤون الحياتية، ولكن هذا لن يوقف عجلة الزمن فالوقت حان ،والشعب قال كلمته وسقوط القذافي إعلان على نهضة هذا الشعب.

الليبيون سوف يقررون من خلال انتخابات حرة ما هو الدور الذي يريدونه للدين أن يلعبه في الحياة العامة. سيكون عليهم قرار الاعتدال أو التطرف ، ولكن وجب عليهم عدم التأخير في خلق مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب وصحافة ، حتى يخلقوا التوازن ويكون المجتمع متمثل بكل أطيافه ، مفوتين الفرصة على كل ما هو شاذ ومتطرف الذي ستكون نتيجته الحتمية مشاكل على المستوى المحلى ..الإقليمي والدولي ، ودخول الثورة ذاكرة التاريخ ، فتضيع الدماء التي سالت هباء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق