الثلاثاء، 20 يوليو 2010

تركيا …سيدة الشرق الاوسط


هناك قول صيني مأثور يقول " يشار الي الرجل الحكيم بأنه ينظر الي القمر ، والمجنون هو الذي يبحث في الاصابع.
كثيرا ما أقراء كتاب يقومون بإطلاق نعوت أراها تفتقر إلي أدب المجاملة والحوار , مثلما ما يطلق على المفكر الاستراتيجي العربي " محمد حسنين هيكل " , فأوصاف الكذاب التي يصفونه به معتمدين على استدلالات وبراهين لا تكاد ترتقي إلي الصحة أو الإثبات , لأنهم ببساطة لم يكونوا قريبين من الحدث قربه هو,ولم يعاصروا الوقائع ,اللهم إلا كمراقبين عن بعد أو قارئين للحدث أو محللين للأحاديث والإخبار والحكايات والقصص , عبر وسائل الإعلام , ولنفترض تجاوزا أنهم محقين في بعض الذي يقولونه , آلا يمكن للنعوت أن تكون حضارية أكثر , خصوصا متى عرفنا إن الأدلة غير قاطعة.
لا احد ينكر دور هيكل في الاطلاع والمعرفة , بالإضافة إلي قربه من صناعة الحدث في دولة رفعت لواء العروبة , وغيرت مجرى التاريخ , سلبي كان أم ايجابي في أواسط القرن الماضي , وبان تلك المنطقة كانت بؤرة للعمل الدبلوماسي المرتكز على استراتيجيات كانت الدول الكبرى متورطة فيها,ناهيك عن قربه وصداقته من رئيسين اشرفا على كتابة سطور هذه المرحلة ( جمال والسادات ).

عيب الأمة إنها لا تحترم رموزها , فاختلاف الرأي لا يلزم أن احط من قدر مخالفي, آو أن انزل بنفسي إلي مدارج لا يمكن إلا أن تصنف على أنها كراهية أو انعكاس لبيئة نشئت بها.

ما دعني إلي هذا الحديث هو الوضع الحالي لتركيا , فقبل 3 سنوات إن أسعفتني الذاكرة كنت استمع لهيكل وهو يحلل الوضع الاستراتيجي للعالم العربي , موضحا نمو دور تركيا بتعبئتها للفراغ الناتج عن انحسار الدور العربي في الصراع الإقليمي مع الإسرائيليين ,قائلا بأن تركيا تملك كل الشروط اللازمة لتكون الرائدة والقوة الإقليمية رقم في منطقة الشرق الأوسط ., بما إني مازلت إصر على الدور الإيراني , ولكن ربما لاختلاف المذهب بين تركيا وايران شأن أخر.

ألان بعد 3 سنوات بدأت أتأكد من صدق توقعات هذا المفكر الاستراتيجي , الخبير بأحوال المنطقة ,و الذي رأس تحرير صحفية كانت ولازالت الأكثر مبيعا بين المطبوعات العربية , هذا القومي العروبي , الذي لم يمنعه انتمائه إلي هذا النهج أن يقول الحقيقة , فالساحة ألان مفتوحة لغير العرب في تزعم منطقة الشرق الأوسط ، خصوصا ان في تركيا الان حكومة تقريبا ساعية في التخلص من رقابة العسكريين والنخبة العلمانية. وحزب العدالة والتنمية اصبح موجود في الحكم واصبح فعلا يمسك بالسلطة.

لا أرى تحديا لإسرائيل صريح وواضح مثل التحدي التركي , ولا أرى مواقف تتميز بالشجاعة الأ من الجانب التركي ، حتى أن الحصار لم يتخلخل إلا عن طريق سفن تركية ،هذا الطريق السياسي اعتمده "رجب طيب اردوغان" منذ أن اختار مستشاره السابق "احمد داود أوغلو " ، وزيرا للخارجية ليجسد التوازن" الدقيق بين قوة الأمر الواقع، وقوة الحق الأصيل وجواز المغامرة بمواجھة قوة الأمر الواقع دون استعداد للتفريط في قوة الحق في ضوء موازين القوى التي تتحرك باستمرار ولا تعرف السكون أو الجمود.بالاضافة الي أنتهاج "النموذج الإسلامي"الذي يضمن السلام مع البيئة بخلاف النموذج الغربي؛ فالمسلم يدرك أن الكون هبة الله، وهو حق مشترك للجنس البشري، ولذا لابد من المحافظة على البيئة لأنھا شرط جوهري لصلاحية الكون للحياة.



ما يميز دور تركيا هو النهج السياسي الإسلامي المستنير ، بدون مركبات نقص و لا تعقيد, منفتح على كل الواجهات، فعلاقة جزب العدالة والتنمية " الحزب الحاكم " بالدين تقوم على قاعدة فردية. بانه حق اساسي لكنه ليس الوحيد.فالحزب لا يحاول فرض القواعد الدينية،على الاقل في الظاهر.كما ان رئيس الحكومة اردوغان ليس اسلاميا بل هو نتيجة لفشل الاسلام السياسي في تركيا…هو وابناء جيله تمردوا على "الاسلاميين الكماليين" من صنف اربكان عند شيوع القيم الدينية الذي بدأ في النصف الاول من التسعينات. ومع مراكمتهم للتجربة، اتجهوا نحو المزيد من الاعتدال وتأثروا بسياسات السوق الحرة التي مارسها الرئيس تورغوت اوزال في مطلع التسعينات. وكانت نقطة الانفصال رفض الجيل الجديد لفكرة "السلطة المقدسة” (الخلافة) والخلاص. عندها بات ممكنا مغادرة الدوائر المقدسة لولوج السياسة”.

"هنتينجتون" في مقولته عن "صدام الحضارات"، صرح على أن الصراع في المستقبل سيكون بين الھويات الثقافية والدينية والحضارية، وليس بين الدول القومية بحدودها وسيادتھا التي ارتسمت في العلاقات الدولية منذ معاهدة وستفاليا سنة 1648, اذا اعتمدنا هذه المقولة، فأن تركيا المعتمدة على الدين وليس على القومية، في ظل نمو المد الديني، ستكون هي القوة الإقليمية في المنطقة، ليبقى السؤال هل سيعود الدور الإمبراطوري العثماني؟…الإجابة حسب رأي… لا فالوقت تغير والإحداث تلبس لباس أخر، وفكرة العثمانية الجديدة هي ببساطة كما يصفها " اوغلو " لعب دور إقليمي جديد منطلق من رؤية سياسة خارجية قوية نحو الشرق الأوسط والبلقان ومنطقة القوقاز"

في مؤتمر إسلامي مسيحي في ألمانيا ، كنت ضيفا هناك وأثناء التحضير للمؤتمر في الليلة التي سبقت الافتتاح تكلم رئيس المؤتمر " سالم عبدا لله هوفمان " صحفي مستقل مصرحا بان القدس تحررت سابقا تحت قيادة قائد غير عربي ، وستتحرر مرة أخرى تحت قيادة إسلامي وغير عربي " تبقى وجهة نظر "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق